تاريخ الحلة

حديقةُ النســــــــــــاء

حديقةُ النســــــــــــاء

واحدة من مميزات العصر وارتباطه بالواقع أن تهتم سلطات المدن بمعمار خاص لمدنهم يتناسب مع الأفاق العامَّة والتاريخ الثقافيّ فيها، وهو ما حدث في مدينة الحِلَّة بوصفة حاضرة مدنيَّة عراقية أبان القرن المنصرم فنشأت " حديقة النساء" في ثلاثينيات القرن العشرين على بتوجيه متصرفها "المحافظ" آنذاك وهو "سعد جبر" الذي بادر في إطار سعيه لتحسين واقع المدينة بالحدائق والمتنزهات والشوارع الرئيسة،، وخُصّصت الحديقة للنساء فقط، فسميت بهذا الاسم، وكانت تفدُ إليها النساء الحِلِّيّات بمختلف أصنافهن ودياناتهن (إسلام ومسيح ويهود) وأعمارهن بكونهن خليطًا مُتجانسًا، وكان الازدحام يشتد بها أيّام الجُمع والعُطل والمُناسبات خصوصًا. وعُدّت حديقة النساء في زمانها من أجمل الحدائق، إذ احتلّت شريط الكورنيش المُطل على ضفاف شط الحِلِّة في الصوب الكبير، وهي بستان كانت ملكيتها للملّاك (مُلّا مهاوش الطائيّ)، وكان موقعها مُقابلًا للمُستشفى الملكيّ العام والذي أصبح فيما بعد مستشفى الرمد، وكان موقعه في محلة التعيس، وكانت هذه الحديقة سابقًا تُمثِل معلمًا جميلًا مُضافًا إلى معالم مدينة الحِلَّة العديدة والمتنوِّعة، وإنَّ واحدةً مِن أسباب عدم السماح للرجال بدخولها؛ للمحافظة على خصوصية العائلة الحِلِّيَّة، لكون المدينة تكتنفها بيئة مُحافظة. ومن هنا أصبحت حديقة النساء ومنذ منتصف العقد الخمسينيّ محط أنظار أهالي الحِلَّة، وكثيرًا ما كانت تنطلق من حديقة النساء نذور الخضر(عليه السلام) لا سيما في مساء كُلّ خميسٍ (الشمعة والكربة)، وكذلك في الخامس عشر من شعبان من كلِّ سنةٍ عند ولادة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه الشريف). وبعد انقلاب شباط 1963م المشؤوم لم تعد الأُسر ترتاد تلك الحديقة التي لم يتبقَ منها سوى التسمية، وقد شُوهت هذه الحديقة فقد تمَّ قطع جزءٌ مِنها ليكون موقفًا للسيارات، فيما شغل القسم الأكبر والأجمل ككازينو عائلي. وبقيت الحديقة تحمل اسم النساء إلى الآن لكنَّها فقدت خصوصيتها وباتت عامَّة للنساء والرجال على حدٍّ سواء ويشمل كافة المراحل العُمْريَّة وأصبح للشباب حضورًا مُكثفًا، فضلًا عن تواجد كبار السن وأنشأت فيها كازينو يضم جناحًا للعوائل. لذلك يمكن القول إنَّ حديقة النساء هي أقدم حديقة ما زالت على قيد الحياة، فهي متزامنة لحديقة الجنائن المُعلَّقة (تل الرماد)، وإنَّ أغلب الحدائق اندرستْ وأصبحت ملفوفة بالأنقاض، ولكن سيبقى هذا المكان يحمل اسم حديقة النساء وتعود ذكراه للماضي الجميل والعبق الذي يحمل ذاكرتها الأولى.

صور من الموضوع ...

يمكنم الاتصال بنا عبر الهواتف ادناه :
00964-7602320073
00964-7601179478
او مراسلتنا عبر البريد الألكتروني :
turathhi@gmail.com

للاستمرار، اكتب ناتج المعادلة الآتية :

للأسف، نتيجة خاطئة، حاول مجددا.


جاري التحميل ...

{{Msg.p}} ,
{{Msg.text}} .

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...