تاريخ الجنوب:

تاريخ الجنوب موغلٌ في القِدم؛ إذ دلت المكتشفات الأثرية وبحوث الأركيولوجيا على أنه منطلق الحضارة الإنسانية على الأرض، فمنه انبثق الحرف الأول قبل ما يربو على ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، وفيه نشأت أولى المستوطنات البشرية والدول، التي ارتبطت بالسومريين، حيث أريدو وأور في ذي قار، والوركاء في السماوة، ونفر- نيبور في الديوانية، وامتداداً نحو الأهوار التي تصل مملكة ميسان- لاحقاً- بالخليج. وكان الجنوب أول من صاغ التشريعات والقوانين التي تنظم حياة الفرد والمجتمع، وفيه قام-ولم يزل- أقدم معبد عُرف في التاريخ، حيث الزقورة الشاهد الحي على عِظم شأن هذه الأرض، وما قام فيها من حضارة أطنبت في أحشاء التاريخ، وإن كانت الآثار التي ما تزال مطمورة تحت أرضها أضعافاً مضاعفةً مما اكتشف منها لحد الآن. ومع تبدل الأدوار التاريخية على هذه المنطقة، احتفظت بسماتها وميزاتها الخاصة، فمن سومر وزقورة الخليل، إلى البطائح والمذار في عصور ما قبل الإسلام وبعده، ظل تاريخها حافلاً بالمآثر، فعلى أرضها حدثت معركة ذي قار أشهر معارك تاريخ ما قبل الإسلام، وكان للجنوب شرف أنه أول بقعة من أرض العراق وطأتها أقدام أهل البيت(الإمام علي، والإمام الحسن، والإمام الحسين)-عليهم السلام- وصحابتهم الكرام، عند مسيرهم لمعركة الجمل، إذ أقاموا فيها لمدة (15يوماً)،وفي عصره الحديث شهد الجنوب تجمع حشود المقاتلين من أبنائه يقدمهم السيد الحبوبي للمسير نحو البصرة ومعركة الشعيبة، فكان للجنوب صولات وجولات مع المحتل البريطاني. ووصلاً لهذا العطاء الجنوبي؛ تسارع الجنوبيون لتلبية نداء المرجعية العليا، فسطروا أروع صفحات البطولة والتضحية بدماء الشهداء الذين تُزين صورهم شوارع مدنه وأزقتها اليوم، فضلاً عن قوافل الجرحى، وغيرهم ممن أسهم في هذه المواجهة المقدسة. وهكذا هو الجنوب كان وما يزال يحوز قصب السبق في مآثر التاريخ.