مركز تراث الحلة
العلاّمة ابن إدريس الحلي
التاريخ : 26 / 3 / 2017        عدد المشاهدات : 4679

      برز في مدينة الحلة، مهد التشيع، وصفوة العلماء والمجتهدين، شخصيات علمية كبيرة لامعة في الفقه، والعلوم الإسلامية، ومن اولئك الأعلام الذين أناروا طريق العلم والمعرفة والهداية حبر الشيعة، العلامة الأجل، ابن إدريس الحلي.

     الشيخ محمد بن أحمد بن إدريس، وقيل: محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الفقيه الإمامي أبو عبد اللَّه العِجْلي، الحلَّي، شيخ مشايخ علماء الحلة، ورئيس فقهائها الأجلة في عصره، صاحب المؤلفات والآراء القيمة, والنقد الوجيه، ولد في مدينة الحلة، إلا أنه أختلف في تحديد سنة ولادته فقيل أنه ولد عام (544هـ)، كما ذهب إليه صاحب كتاب (المعارف)، وقيل أنه ولد عام (558هـ)، كما جاء في (تأسيس الشيعة)، و(الذريعة)، ويبدو أنه ولد عام (543هـ)، وهو المشهور بين أرباب التراجم.

   نشأ (قدس سره) في الحلة وتعلّم الدراسات الدينية في حوزتها الدينية، وقد كان العلماء وطلاب العلوم الدينية  يشدون رحالهم إلى هذا المركز العلمي لكي ينهلوا من معين هذه المدرسة الحلية العلمية، ويستفيدوا من أبحاث ابن إدريس المعمقة.

   كان الشيخ ابن إدريس متبحّراً في الفقه، محقّقاً، ناقداً، متّقد الذهن، ذا باع طويل في الاستدلال الفقهي والبحث الأُصولي، باعثاً لحركة التجديد فيهما، وكان يقول : "لا أُقلد إلا الدليل الواضح، والبرهان اللائح".

    تجاوزت شهرة ابن إدريس حدود مدينته، وعُرف بين علماء الفريقين في عصره، وتبادل معهم الرسائل بشأن بحث بعض مسائل الفقه ومناقشتها، وقد قدم فقهاً أدبياً، فعرض في كتابه (السرائر) نماذج عديدة لتوظيف العلوم اللغوية، والأدبية، في الفقه، كما وضع مناهج أصولية، وقواعد اجتهادية في الفقه الإسلامي ليقدم عرضاً رائعاً لتطبيقات الدرس الأصولي في علم الفقه، ونجح في الاجتهاد، على الرغم من انكاره حجية (خبر الواحد)، ولكنّه أثرى الحركة الفقهية في استخدام واسع للعقل، وما تقتضيه أصول المذهب، وتوظيفات كثيرة للآيات القرآنية.    

     درس العلامة ابن إدريس على الشيخ أبي علي الطوسي، والشيخ عماد محمد بن أبي القاسم الطبري، والشيخ العربي بن مسافر العبادي الحلي، والشيخ حسن بن رطبة السواري، وأخذ عن الفقيه راشد بن إبراهيم بن إسحاق البحراني، والسيد شرف شاه بن محمد الحسيني الأفطسي، وروى عن عبد اللَّه بن جعفر الدوريستي كُتب الشيخ المفيد (ت 413هـ)، وعن السيد علي بن إبراهيم العلوي العريضي، والحسين بن هبة اللَّه بن رطبة السوراوي، وإلياس بن إبراهيم الحائري، وآخرين.

    وتتلمذ على يديه نخبة من العلماء الأجلاء منهم: الشيخ نجيب الدين بن نما الحلي، والشيخ شمس الدين فخار بن معد الموسوي، والسيد محمد بن عبدالله بن زهرة الحسيني الحلبي، والشيخ طعمان أو (طومان) بن أحمد العاملي، وعلي بن يحيى الخيّاط، وجعفر بن أحمد بن الحسين بن قمرويه، والشيخ محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني، والشيخ جعفر بن أحمد الحائري، وأحمد بن مسعود الحلي، والحسن بن يحيى الحلي، وجعفر بن نما.

   كان الشيخ ابن ادريس محل ثناء العلماء واحترامهم، فلا نكاد نجد عالماً أو رجالياً  لم يمتدح علميته ومؤلفاته ومنهم  العلامة النوري إذ قال فيه: "أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ادريس العجلي الحلي عالم كبير مشهور حيث أن كبار الفقهاء اشادوا بعلمه ودقته في اجازاتهم"، وذكره ابن داود في (رجاله): "إنه كان زعيم فقهاء الحلة، ومتقن في العلوم وله مصنفات كثيرة"، ويصفه الشهيد الأول (رحمه الله) في اجازته له بـ: "الشيخ، الإمام، العلامة شيخ العلماء وزعيم الطائفة الشيعية"، وقال الشيخ الحر العاملي : "إن المتأخرين من علمائنا قد اشادوا به كثيراً، وعلى كتاب سرائره، كما اعتمدوا على ما ذكره في نهاية كتابه من أصول المتقدمين"، وصفه الذهبي في (سيره) بالعلامة، رأس الشيعة، وقال : له بالحلة شهرة كبيرة وتلامذة، وقال في كتاب(تاريخ الإسلام) : "كان عديم النظير في علم الفقه، ولم يكن للشيعة في وقته مثله"، وقال الفوطي: "كان من فضلاء الشيعة، والعارف بأُصول الشريعة"، ووصفه المحقق الحلي بقوله: "الشيخ الإمام السعيد المحقق، خير العلماء والفقهاء، فخر الملة والحق والدين"، وقال صاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني: "كان هذا الشيخ (ابن ادريس الحلي) فقيهاً أصولياً بحتاً ومجتهداً صرفاً، وقال الشيخ عباس القمي: "شيخ فقيه، ومحقق نبيه... وقد أذعن بفضله العلماء المتأخرون وأقروا بعلمه وفقهه وتحقيقه".

    اشتهر الشيخ ابن إدريس بصاحب (السرائر) وهو أحد مؤلفاته القيمة، التي منها كتاب (التعليقات)، و(رسالة في معنى الناصب)، و(خلاصة الاستدلال)، و(منتخب كتاب التبيان)، و(مناسك الحجّ) وغير ذلك، وكانت مؤلفاته طافحة بالعربية والأدب والعناية بتراث أهل البيت(عليهم السلام) وخاصة الصحيفة السجادية.

   توفّي الشيخ ابن إدريس الحلّي (قدس سره) في الثامن عشر من شوّال (598هـ)، ودفن في مدينة الحلّة، في منطقة الجبل، وقد ذكر اليعقوبي في البابليات: "يقع مرقده على طريق (الطهمازية) في سفح الموضع المعروف بالجبل ويسميه سواد الناس "السيد ادريس"، وفي عام (1317هـ /1900م) قام السيد محمد مهدي القزويني أبو المعز بتجديد قبته، ضمن حملته لتجديد قبور علماء الحلة، وقد أرخ هذه العمارة الشيخ يعقوب الحاج جعفر النجفي بهذه الأبيات:

مقام لابن ادريس تداعى               وهذا بناؤه السامي الموطد

حوى للعلم بالفيحاء سراً               (سرائره) له بالفضل تشهد

فشيده ابن مهدي البرايا                  وعاد بناؤه العافي مجدد

فيا لك من مقام ارخوه           (على مثوى ابن ادريس يشيد)

  وفي عام (1960م) شيد الحسينية المحسن حسّان مرجان إلى جوار مرقده، كما بنيت مئذنة مرتفعة وأنشئت مكتبة آية الله الحكيم، كما تظم قاعتين كبيرتين احداهما للصلاة والثانية للمناسبات الدينية.وقد أرّخ بناء الحسينية السيد هادي كمال الدين بأبيات زينت جدران الحسينية منها:

              هذا ابن إدريس له                  سرائر معطرة

لقد هدى الله كراماً                    ليعيدوا أثره

شادوا له مسجده                     وقُبةً مُطهرة


اعلام مركز تراث الحلة


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :