مركز تراث الحلة
بكر بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)
التاريخ : 17 / 8 / 2019        عدد المشاهدات : 12104

حظيت الحلة بتوفيقات الله (تبارك وتعالى)، فقد شرفها بمراقد ومقامات لبعض الأنبياء والأئمة، ومنها مرقد أبي بكر بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، الذي يقع على تلال مرتفعة في منطقة التاجية، تبعد عن المدينة 6 كيلو متر تقريباً على يمين الخارج من مدينة الحلّة إلى النجف الأشرف.

بدءاً هو: محمد الأصغر ابن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، والمكنى بـ (أبي بكر)، وأمه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلمى بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، بحسب ما ذكره الأصفهاني في كتابه مقاتل الطالبيين.

قيل في جده سلمى بن جند :

يسود أقوام وليسوا بسادة                      بل السيد الميمون سلمى بن جندل

ذكر الباحث الشيخ ميثاق عباس الخفاجي الحلّي في كتابه (يتيم عاشوراء في أنصار كربلاء محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب المكنى بأبي بكر (رض) " وقد حدثت قصة في عصر المرجع الكبير السيد محمد بن السيد مهدي القزويني الحلّي (قده) في زمن كانت مرجعيته في الحلّة، وقد كانت له كرامات كثيرة ومنها التشرف بلقاء الإمام المهدي (عج)، وفي يوم من الأيام رأى في المنام رؤيا فيها تأنيب لخدامة لعدم اعتنائهم بالقبر وتعميره وذلك سنة 1323هـ، فأرسل إليهم وقصّ رؤياه فانبروا لتعميره وأجابوه، ولما كشفوا التراب والحجارة عن القبر ظهر لهم محراب عليه صخرة، فقلعوها لكي تقرأ ما عليها فاذا كتابتها كوفية تصرح بأن: هذا قبر أبي بكر بن علي بن أبي طالب الهاشمي مات (استشهد) سنة ستين للهجرة النبوية على مهاجرها الثناء، فقال السيد القزويني لِقَيّمِ المرقد احتفظْ بهذه الصخرة ولا تجعلها في البناء لئلا تسرق، وهذا التوجيه من السيد (قده) في الاحتفاظ بهذه القطعة لعلمهِ بأهميتها في إثبات أصل القبر لصاحبه وهو سيدنا محمد الأصغر المكنى بأبي بكر بن علي (رض) فإن الناس لا يعرفون قيمة هذه الأحجار الأثرية التي تمثل دلالات تاريخية ورمزية لمكان مقدس ".

إن من العبر والدروس المستقاة من حياة الشهيد أبي بكر بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، بحسب ما ذكرتها المصادر أنه كان فارساً بطلاً، وأول من تصدى للخروج إلى الحرب ومواجهة العدو من أبناء علي (عليهم السلام)، وأثبت من خلال قتاله أنَّه القادر على مواجهة العدو بكل بطولة وبسالة، فرزق الشهادة التي عقد العزم على نيلها بين يدي أخيه الإمام الحسين (عليه السلام).

ويقول الباحث الحلي " أن من صفات العلويين الشجاعة وهذه معروفة عنهم بل هي صفة غالبة فيهم فوالدهم الإمام علي (عليه السلام) يعرف بين قريش (قتّال العرب) وهذه صيغة دلت على كثرة القتل فيهم بسيفه ذي الفقار وأرغم أنوف المشركين حتى دخلوا في الإسلام وقد ورث أبنائه منه ذلك، وكان أبو بكر محمد الأصغر بن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) أول من تصدى لمواجهة أهل الكفر والنفاق من جيش أهل الكوفة ومنافقيهم بقيادة عمر بن سعد والشمر (عليهم لعائن الله تعالى)، فقد أراد محمد الأصغر أبو بكر بن علي (رض) أن يكون الأول من بين أخوته من المتقدمين إلى الحرب والقتال بين يدي أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وهذا يدل على مستوى عال من الحماس للدفاع عن الإسلام المحمدي ودفع خطر الفكر الأموي المتمثل بجيش أهل النفاق من الكوفيين، وقد أثبت من خلال قتاله أنّه ابن علي (عليه السلام) حقاً، وقد روى أصحاب المقاتل أنّه حينما نزل إلى المعركة نزل وهو يرتجز:

شيخي علي ذو الفخار الأطول       من هاشم الصدق الكريم المفضل

هذا حسين ابن النبي المرسل         عنه نحامي بالحسام المصقل

تفديه نفسي من أخ مبجل              يا رب فامنحني ثواب المجزل

وقتل منهم مقتلة عظيمة حتى عجزوا عن مواجهته واحداً بعد الآخر فأخذوا يضربونه بالحجارة ويرمونه بالسهام واجتمعوا عليه من كل جانب وأحاطوا به فأثخنوه بالجراح حتى ضعف عن القتال، واختلفوا فيمن قتله فقالوا: قتله زجر بن بدر النخعي، وقيل: رجل من همدان، وقيل: وجدوه في ساقية مقتولاً لا يدري من قتله، وقيل لم يزل يقاتل حتى اشترك في قتله جماعة منهم عقبة الغنوي".

وقد استنتج الباحث بعد التحليل " من خلال التمسك بالروايات التي دلت على قتله وشهادته في عاشوراء وثبوت القطعة الأثرية الدالة على قبره واسمه، ومع احتمال هذا الرابط وهو حمله من قبل أخواله من بني نهشل، ويظهر لنا بأن القبر الموجود في الحلة قبر سيدنا أبي بكر محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب شهيد كربلاء (رض) والله العالم بحقائق الأمور".   

مرقد محمد الأصغر الملقب بأبي بكر بن علي (ع)​

كما ذكر الشيخ المجلسيّ: " قالوا: ثمّ تقدّم أخوةُ الحسين (عليه السّلام)، عازمين على أن يموتوا دونه، فأوّل مَن خرج منهم: أبو بكر بن عليّ، فتقدّم إلى الحرب، وأخذ يقاتل قتالَ الأبطال، ولم يَزَل كذلك يصول ويجول حتّى وقع صريعاً شهيداً بين يَدَي أخيه الحسين سيّد شباب أهل الجنّة (صلوات الله عليه) ".

قال فيه الشاعر السيد محمد علي النجار مؤرخاً :

هذه تربة بها قد حل بــــــدر         قد تجلى به الإباء والوفــاء

جاء يفدي في كربلاء حسيناً          ولمثل الحسين طاب الفـداء

وكأن السبط الشهيد ينــــادي          كل أرض بها لنا كربـــلاء

ولتجديده تصدى كريــــــــــم          رافقتـــــــــــه عقيدة وولاء

أنفق المال راضياً مطـــــمئناً          في سخاء قد باركته السماء

ولهادي الذكر الجميل سيبقـى          ولأهل الثراء فيه اقتــــــداء

أن تسلني عن الثنـــــاء فأرخ      (قلت باسم الهادي يليق الثناء) : 1417هـ

شُيّدَ مرقد الإمام محمد الأصغر (أبي بكر) بن علي (عليهما السلام)، في أواخر العهد العثماني في العراق، على شكل قبة صغيرة، ففي حديث للشيخ محمد حسين الحلي: " إن على نهر التاجية في طريق الحلة ــ ذي الكفل على مسافة سبعة أميال عن الحلة قبر عليه قبة صغيرة قديمة وله أرض زراعية وقفٌ عليه بيد قوّامه(الخدم)، واتفق أن رجلاً حلياً التزم هذه الأرض الوقف من حكومة الأتراك واغتصبها من قوّامه وزرعها فأصيب بنكبة عظيمة، ثم صار كل من يلتزم هذه الأرض العائدة للقبر يصاب بنكبة فتجنبها الناس والحكومة ".

الباحة الأمامية لمرقد أبي بكر بن علي (ع)

وفي سنة (1387 هـ/1967م)، توسع المرقد وبني عليه قبة أكبر من الطابوق ارتفاعها بحدود تسعة أمتار، وتبلغ مساحة حرمه 5 × 5 أمتار وعلى قبره شباك من الخشب عليه بردة خضراء وكانت على قبره لوحة كتب عليها : (هذا قبر أبو بكر بن علي بن أبي طالب، أمه ليلى بنت مسعود بن خالد التميمية).

  تم تجديد بناء الحرم عام (1412 هـ/1991م) وأضيف إليه عدد من الأروقة، كما بني له إيوان عام: (1416 هـ /1995م).

يقع الضريح الطاهر على الجانب الشمالي من الحرم وعليه شباك مصنوع من الحديد المطعم بالألمنيوم ومساحته تبلغ 5 ،1×2 متراً بارتفاع 5, 2 متراً، تتألف واجهته من ثلاثة شبابيك كتب عليها سورة الفاتحة، وقد خصص الشباك الغربي منها كمدخل للضريح، وعلى زاويتي الضريح رمانتان من البرونز الأصفر، كما تعلو الضريح مقصورة أصغر حجماً منها، وعلى زواياها رمانات من البرونز الأصفر أيضاً، وتطل على الضريح ثريا عادية، وأما الجدار المحيط بالضريح فهو من الطابوق المطلي بالإسمنت مكتوب عليه أسماء الأئمة الأطهار(عليهم السلام)، كما تحيط بالقبر ستة أعمدة من الطابوق.

مازال مرقد محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عامراً في الحلة، ويمر اليوم بمرحلة جديدة في عمارته.


اعلام مركز تراث الحلة


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :