مركز تراث كربلاء
الغزو الوهابي لكربلاء 1802 م في رحلة أبي طالب خان
التاريخ : 11 / 12 / 2019        عدد المشاهدات : 2370

     للرحالة والبلدانيين إسهامات كبيرة في التعريف ببلدان العالم الإسلامي من جهة، والتعريف بالمعالم الحضارية والسياحية التي زاروها في البلدان الإسلامية من جهة أخرى. وكربلاء كانت وما تزال محطَّ أنظار العالم، لذا زارها العديد من الرحَّالة والسيّاح منذ القدم، وتعدُّ رحلة أبي طالب خان إلى العراق وأوربا من أندر الرحلات وأعمقها وأكثرها شمولية ودقّة.

أ     بو طالب خان رحّالة ولد بأصفهان من أصلٍ تركي وهاجر إلى الهند هربًا من بطش شاه إيران، كتب مذكرات رحلتهِ باللغة الفارسية والتي تضمنت زيارته إلى (انجلترا - فرنسا - ايطاليا – مالطا - تركيا - العراق ) وقد تزامنت زيارته لكربلاء مع هجمات الوهابيين على جنوب العراق ووسطه في عام 1802م . لذلك تعدُّ مذكراته هامة جداً إذ عاصر الأحداث التي كتب عنها.

تُرجمت رحلته من اللغة الفرنسية إلى العربية، وقام على هذه الترجمة الدكتور مصطفى جواد الذي كانت ترجمته إضافة نحوية وثقافية للكتاب في ذكر تفاصيل دقيقة وملاحظات قيّمة، خصوصاً ما يهمُّ منها مدينة كربلاء.    

رحلة أبي طالب خان من نوادر الرِّحلات في العالمين في موضوعها وأسلوبها وبراعة كاتبها وشمول ملاحظاته، فالمألوف في عصره وقبله وبعده أنَّ الأوروبيين كانوا يسيحون في بلاد الشرق ويكتبون في وصفه رحّلاً وفي آثاره كتباً، ولا نزال نستسقي أخبار الشـرق المتأخرة من رُحل الأوروبيين فيه وخصوصاً أخبار العراق ، فإنَّ أبا طالب كان نافذ الملاحظة، منعم النظر، مثقفاً ثقافة شرقية عالية، قلَّما يفوته ذكر شيء ممَّا وقع عليه بصره أو تناوله فكره في أثناء السياحة.

وصل أبو طالب خان برحلته إلى كربلاء في اليوم الرابع من ذي القعدة سنة 1218هـ الموافق لليوم الأول من آذار سنة 1803م فقال: بعد إقامتي ببغداد ثمانية أيام استأنفتُ سَفري لزيارة مشهد كربلاء ومشهد النجف الأشرف، وفي هذه المرة لم أُعلِم الباشا بنيّتي وخطّتي فاكتريتُ خفية خيلاً وبغالاً من حوذيٍّ واتّفقتُ معه على أن يرافقني في جميع الطريق وسافرتُ بلطف فائق، ولقيتُ حفاوةً من كلِّ من لاقاني في أيِّ موضعٍ كنتُ من طريقي وابتهجتُ بلُقيا قاضي كربلاء ملّا عثمان وكان عائداً إلى كربلاء وكان رجلاً فاضلاً ولكنه كان قد تفقّه وتثقّف وتعلّم علماً جليلاً وكان بريئاً من أوهام الأحكام التي يحكم بها الطغام قبل الاستعلام، وظهر لي أنه سرَّ سروراً عظيماً بلقائي ورجا مني أن أكونَ رفيقه في السَّفر. وفي الطريق من بغداد إلى النجف رأيتُ بين كلِّ ثمانية أميال خانات مسافرين مبنية بالآجر تشبه حصوناً، ولكن يندر أنْ يقيم فيها المسافرون. وفي اليوم الأوّل سِرنا أربعين ميلاً وقضينا الليل في خان المزراقجي ثم وصلنا إلى كربلاء في نحو الساعة الثالثة من اليوم التالي ونزلتُ في دار السيّد حمزة وكنتُ عرفتُ أبن أخيه في مقصود آباد في البنغال وكنت أرجو أن أراه ثانية بكربلاء ولكنه توفي قبل وصولي إليها بعدة أشهر، ومع ذلك فقد استقبلني أبواه استقبالاً حَسناًَ وأعاناني على إتمام مختلف مناسك الزيارة، وتلقّاني حاكمُ كربلاء أمين أغا بكثير من الأدب ودعاني مرتين إلى التغذّي معه وأعدّ لي خيلاً لأسافر إلى النجف ورغب في دفع كرائها، ولما كان ذلك يحرمني ثواب الزيارة لم أقبل قط هذا البذل. ولقيت في كربلاء عمتي (كربلائي بيكوم) التي كانت تسكن مجاورة للمرقد الحسيني وعدَّة نساءٍ من توابعها، وكان شقاء أسرتنا قد أضطرّهنَّ إلى اعتزال العالم فجئن يقضين أيامهن الباقية في الأرض المقدسة، وإنّ هذا اللقاء غير المنتظر سرَّني أعظم السرور، إنَّ الوهابيين كانوا قد سلَبوا منهن ما يملكن، وقد أعنتُهنَّ بجميع ما أستطيعه إذ ذاك من العون المالي , لأنَّ الوهابيين قد سرقوا جميع ما في المدينة من أشياء ثمينة وكذلك قتلوا أعداد كبيرة من الناس الأبرياء الذين لم يكن لهم ذنبٌ يُذكر، بل اتَّهم في كتابته حاكم المدينة آنذاك عمر آغا بالتواطؤ مع الوهابيين، حيث ذكر " إنه كان ذا اعتقادات باطلةٍ جداً بمواطأة الوهابيين ... والميل إلى فسادهم " وهو كان على علم بوجودهم خارج المدينة، ما استدعاه إلى أن يهربَ قبل وصولهم إليها, الأمر الذي أدّى فيما بعد إلى أنْ يصدرَ بحقِّه قرار الإعدام فأُعدِم .

 


وحدة الإعلام


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :