إنَّ الهويّة المعماريَّة لم تكن شيئًا جامدًا في يومٍ ما بمسار التطور البشري الحضاري، إنَّما هي حركة ديناميكيّة تتحرَّك تدريجيًا دون أن تخرج عَن مسارها الحقيقيّ بحسب كلّ مرحلة تطوريَّة ملموسة في الحياة، فهي ترتبط بالإرث الذي صنعته الحضارةُ عبر التاريخ ارتباطًا وثيقًا، والهويّة المعماريَّة للمدن في نتاجها المُعاصر مِن خلال العلاقة بين الفكر والمادة لذلك النتاج، وبالتالي فإنَّ الفكر، والدين، والمعتقد، والعادات، والتقاليد، والبيئة، والظروف الاجتماعيّة، والسياسيّة، تتناغم فتندمج معًا في بوتقة واحدة لتشكِّل البُنى السطحيَّة والصورة الظاهريَّة للحضارة، فتخطُّ هويّتها المميّزة عِبر سنين من الزمن، ومِن خلال صيغ تعامل المعماريّين مع العمارة في تصاميمهم ظهرت توجّهات مختلفة فقد أضافوا عناصر جديدة للعمارة المعاصرة مع الاهتمام بالإرث المعماريّ للموروث ولجؤوا إلى الاقتباس والتقليد حينًا والابتكار حينًا آخر.
وبذلك تأخذ كلُّ مدينةٍ شكلها وقيمتها عند تمصيرها وتأهيلها للسكن، وبتوافر عدد من العوامل المساعدة ما يجعلها قابلة للتمدّد والتوسّع جغرافيًّا وسكّانيًّا، وتصبحُ محطَّ أنظار الآخرين.
ويتأثر فنّ العمارة مِن مدينة إلى أخرى بعدد من المؤثّرات كما أوضحنا ذلك سابقًا ويتفاوت أثر هذه العوامل بين المدن فمِنها ما بُني على أساس اقتصاديّ أو عسكريّ أو جغرافيّ، أو دينيّ وغير ذلك.
ولإعادة وإحياء التراث المعماريّ لِمدينة مثل الحِلَّة يتطلّب الكثير من الوقت، والجهد، والمال، والتخطيط لإعمارها بعد تجديد أولويّات المدينة؛ إذ لا يمكن إحياء مدينة بين ليلة وأخرى ولكن ينبغي السعي من أجل تخطيط المدينة .
ولكون العمارة هي فنّ وإبداع، وعلم يعكس الواقع العام بفضل تجدّد المتطلّبات العامّة في تطوَّر البلد وازدهاره فهو في هذا الجانب يعكس القيم العامّة في آثار معماريّة تخدم جميع الطبقات.
وفي لِحاظ هذا أودُّ أن أشير إلى بعض الملاحظات المهمّة حول تاريخ مَعْلَم جميل من معالم مدينة الحِلَّة المعماريَّة، فمِن ضمن خطّة التنمية لمدينة الحِلَّة فقد خصَّصت سنة 1962م، مبالغ لغرض إنشاء مرافق حيويّة فيها, ونظرًا للإرباك السياسيّ الذي عصف بالبلاد سنة 1963م، تمَّ تأجيل التنفيذ, وفي أوائل عام 1965م، تمَّت المباشرة بتنفيذ بعض مِن هذه المشاريع, ومِن الطريف أنَّ هذه المشاريع انحصرت في منطقة حي بابل دون سواها مِن مناطق الحِلَّة, ومِنها نصب ساعة في هذه المنطقة الجميلة.
وفي مقابلة شخصيّة مع بعض سكنة المنطقة قالوا وكأنَّما أراد المسؤولون في تلك الفترة أن يحرّكوا الجمود الذي كان يعيشه أهالي الصوب الصغير وقد فلحوا به، وتمَّ تصميم برج الساعة في عهد متصرّف لواء الحِلَّة آنذاك, العميد عبد الرزاق محمَّد أسود عام 1964م، وتمَّ إنشاء البرج, وهو مِن الأعمال الهندسيَّة التي صمَّمها مهندسون معماريّون وكانت كلفته آنذاك بـ (5000) دينار، وكان ذلك في العصر الجمهوريّ عام 1965م، والموجود حاليًا في المنطقة، في حين يقرأ لنا تاريخ الصورة الثانية أنَّ الساعة في عام 1961م، كاملة النصب وظاهرة للعيان، وتقع في بداية مدخل الحِلَّة مِن جهة بغداد, ويعتبر برج الساعة اليوم مَعْلم من معالم الحلّة التراثيَّة, وتمَّ نصب الساعة فوق بناية البرج فكَونت شكلًا هندسيًّا ومعماريًّا جميلًا, أضاف له الموقع المميّز رونقًا والتماعًا عند ملتقى أربعة شوارع في منطقة حي بابل الذي أنشئ في عهد النظام الملكيّ، وبقي هذا النصب شامخًا برغم الإهمال الذي أُلحق به .
المكان بوضعه الحالي يتكوَّن مِن برج عالٍ ضخم طويل يبلغ ارتفاعه أكثر من 15 م تقريبًا وعليه هذه الساعة التراثيَّة الساحرة، ويبلغ ارتفاعه 1.5 م ــ 2م تقريبًا.
وأخيرًا أقول سيبقى الأمل يحدونا في تجدّد وتطوّر مدينتنا بما يفسح المجال لبناء مدينة عصريَّة ذات هويّة مميّزة يشار إليها بالبنان كما أشير به إلى تاريخها المشرّف، وهو طموحنا جميعًا.
زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام - 1442 6 / 10 / 2020 |
|
بيت الملك غازي في منطقة الدغاره 8 / 11 / 2016 |
|
مركز تراث الحلة يوثق المسيرة المليونية الزاحفة نحو كعبة أبي الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) 25 / 10 / 2018 |
|
مقام رد الشمس في مدينة الحلة 8 / 8 / 2016 |
|
مركز تراث الحلة يشارك بندوة العتبة العباسية المقدسة ودورها في تعزيز مفهوم الاعلام التراثي 4 / 9 / 2016 |
|
مزار زيد الشهيد (عليه السلام) في مدينة الحلة 1/ 8 / 2016 |
|