أفرزت سنن التاريخ قاعدة مفادها (أن الأمة الغالبة تفرض ثقافتها على الأمة المغلوبة)، وقد أجمع المؤرخون على أن هذه القاعدة لم تخرق إلا في الغزو المغولي لبلاد المسلمين ذلك المدَّ الذي كان قوياً عاتياً، سرعان ما تسلط على مقدرات أغلب بلاد الأمة، لكن المسلمون أثبتوا عكس هذه القاعدة، وفرضوا ثقافتهم على الغزاة الطغاة المستكبرين، الذين أسلموا وذابوا في حبها، للجهود الجبارة التي بذلها المرجعان العبقريان يوسف بن المطهر المشهور بالعلاّمة الحليّ (قدس سره) بمساعدة شخصية لاتقل مكانة عنه في الفقه الشيعي هو العلامة محمد بن محمد بن الحسن المشهور باسم خواجة نصير الدين الطوسي(قدس سره)، اللذان ركَّزا عملهما على القادة المغول، فأجادا الأساليب ورسخا العلاقات خصوصاً مع هولاكو وأبنائه ووزرائه، وكان العمل الأصعب هو إنارة أفكارهم وميل قلوبهم من الوثنية الى الإسلام،
صورة الخواجة نصير الدين الطوسي
وتبديل تعطشهم للدماء والتدمير والسيطرة، الى حب الهدوء والتقوى، فأثمرت جهودهما بسرعة نسبية إذ أسلم على يديهما أبناء هولاكو وكبار قادة جيشهم، وحسن إسلامهم وكان أولهم إسلاماً أحمد بن هولاكو، وأكثرهم أثراً نيقولاوس بن آرغون بن أبغا بن هولاكو، الذي عرف لاحقاً بـ(خدابنده)، وهي كلمة فارسية بمعنى عبدالله، وسمي بـ(محمد)، فقد أسلم وتشيّع على يد العلامة الحلي (قدس سره)، وفي عام 708هـ، قام بسك النقود عليها شعار علي ولي الله، وقد رافقه العلامة الحلي حتى وفاته سنة716هـ، وتسلم بعده إبنه أبو سعيد، وبفضل العلامة الحلي استقرّ كثير من الذين اهتدوا الى الحق من جنود المغول، في بلاد المسلمين وتناسلوا فتغيرت نظرتهم ومشاعرهم تجاه الإسلام وأمته، وهو أمرٌ لم يتمكن منه في ذلك الزمان إلا المرجعان نصير الدين الطوسي وتلميذه العلامة الحلي بما آتاهما الله من شخصية شمولية جاذبة حتى لأعدائها، (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة 11).
صورة افتراضية هولاكو
إنّ الثمرة التي أتت أكلها بعد سقوط بغداد سنة 656هـ، كان تدخل العلامة الحلي الذي أهتدى عليه بعض الساسة والقادة المغول واعتناقهم لدين الله الحنيف، لذا خفف العناء عن أتباع أهل البيت(عليهم السلام)، حيث انفصلت السلطة السياسية عن الإمامة الروحية، وأعطيت بعض الحريات الدينية التي أسدل العباسيون عليها الستار ظناً منهم إبعاد الناس عن أهل البيت(عليهم السلام) وهو امتداد لمؤامرة السقيفة، إذ لو لم يحصل هذا الأمر لما وقع من دمار ومشاق وويلات عانت منها الأمة الإسلامية كثيراً ومازالت تكابدها.
لقد كان العلامة (رحمه الله) حسنة من حسنات الدهر وفلتة من فلتات الزمان علماً، وعملاً، وزهداً، وخلقاً، إذ أكرمه الله (تبارك وتعالى) بضروب العلم والفضائل، وامتثالاً لأمر الله (يا أيتها النفس المطمئة ارجعي الى ربك راضية مرضية)، فقد رجعت نفس العلامة الحليّ الى ربها عام 726هـ، وهي قريرة العين.
إقامة الندوة العلميَّة الموسومة ((السيِّد مسلمُ الحِلِّيّ رائدٌ للمعقول والمنقول) ابتهاجًا بولادة كريم أهل... 22 / 5 / 2019 |
|
هوية الماضي ... وزاد المستقبل .. تحت هذا العنوان نشرت مجلة كفوف تحقيقاً صحفياً مصوراً عن مركز تراث الحلة 13 / 8 / 2016 |
|
مرقد العلماء الاربعة في مدينة الحلة 13 / 5 / 2017 |
|
مركز تراث الحلة يقيم مهرجانه الشعري الاول 7 / 8 / 2016 |
|
مزار زيد الشهيد (عليه السلام) في مدينة الحلة 1/ 8 / 2016 |
|
مقام رد الشمس في مدينة الحلة 8 / 8 / 2016 |
|