مركز تراث الحلة
الشاعر السيد محمد النجار
التاريخ : 20 / 2 / 2021        عدد المشاهدات : 1000

هو: السيّد محمّد عليّ بن محمّد بن حسن بن محسن بن حسن بن مراد آل يحيى الموسويّ، النجّار، من أرومةٍ علويَّةٍ طاهرةٍ تعود في نَسَبِها إلى السيّد جعفر الخواريّ بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام).

وُلِد السيد محمد علي النجّار في محلَّةِ المهديّة زقاق ليلة من مدينة الحلّة سنة 1341هـ ـ 1922م، كما هو مُثبَّتٌ في سجلّات الأحوال المدنيّة.

نشأ السيّد النجّار في كنف أبيه الذي كان يعمل في النجارة، ومع عمّه السيّد أحمد النجّار الموسويّ الذي كان وكيلاً لسماحة المرجع الدينيّ الأعلى السيّد أبي الحسن الموسويّ الأصفهانيّ ـ قدس سرُّه ـ ومع عمّه السيّد محمود النجّار الموسويّ الذي فُقِدَ في أيّام (السفر بر المعروفة) في العهد العُثمانيّ.

تعلّم مبادئ القراءة والكتابة والعلوم الأوليَّة، على عمّه السيّد أحمد، ثمَّ على الشيخ حسن العذاريّ في مسجد الجومرد، ويؤدّي الصلاة في مسجد أبي كُبّة خلف العلّامة السيّد محمّد شناوة وتوت ـ (رَحمه اللـهُ)، وكان في المسجد يكثر من قراءة الأدعيةَ والأذكارَ، وواصل دروسَه في العربيّة والمنطق على السيّد هادي ابن السيّد حمود ابن السيّد ناصر العالم، حيثُ قَرأ عليه كتاب الشرائع للمُحقّق الحلّي، أو كتاب تبصرة المتعلّمينَ للعلّامة الحلّي على السيّد مسلم بن السيّد تقي شناوة، وفي سنة 1930م، انتظم طالبًا في المدرسة الشرقيّة المسائيّة لإتقان القراءة والكتابة وصقل معلوماته، وكان مِنَ التلاميذِ الفائقينَ في دراسته، لكنَّه ترك دراسته بعد وفاة والده سنة 1352هـ ـ 1933م، وقد بَلَغَ من العُمُر أربعةَ عَشَر عامًا، وأخَذَ يُمارس العملَ في النجارة مع أخويه محسن وجاسم (رَحِمهُما اللـهُ)، ثمَّ شدَّ الرحالَ سنة 1360هـ ـ1941م إلى مدينة النجف الأشرف، ودَرَسَ على الشيخ محمد جواد الجزائريّ، ألفيّة ابن مالك، وقطر الندى، والمنطق، وكان سريع التعلّم حاضر البديهة، موضع إعجاب أساتذة النجف وشيوخها وتلامذتها، واضطرّ للعودة إلى الحلّة لأسبابٍ خارجةٍ عن إرادته، إلاّ أنّه لم ينقطع عن الدراسة، بل بقي على اتصالٍ بمدرستِهِ هُناك، يَذهبُ إليها كلّ أسبوعٍ أو أكثر، وفي أثناء الامتحانات، واستمرّ في دراسته مُدّة خمس سنوات، ومن شيوخه فيها الشيخ محمّد رضا المظفّر، والشيخ كاتب الطريحي.

في الحلّة بَدَأت صفحةٌ جديدة من حياته العمليّة، حيث عمل مع صديقه الحاج عبّاس بيعي بمكتبِهِ التجاري في السوق الكبير قرب زقاق المفتي، وحين أسّس المرحوم السيّد هادي كمال الدين مدرسته الدينيّة الأهليّة المُسمّاة بالمدرسة الكماليّة، عمِل مُعلّما فيها بعد ان اعتذر عن إدارتها، وبعد تخرّجه في المدرسة الجزائريّة سنة1946م، كلّفه الشيخ محمد جواد الجزائريّ بالقيام بالتبليغ الدينيّ في مدينة الحلّة وقد اعتذر عن ذلك.

 

يُعدّ السيِّد مُحمَّد علي النجّار(رحِمَهُ اللـهُ)، مِن أبرَزِ شُعراء الحلَّةِ المُعاصِرينَ وإنْ كانَ أقلَّهم عطاءً، وذلك لأنَهُ ظلَّ هاوياً للشِعرِ، وَكثيرًاً ما كانَ يُصرِّح بأنَّهُ ليسَ بشاعرٍ، وإنَّما يلجأُ إلى الِّشّعرِ كُلَّما عصفت بِهِ خطوبُ الزمانِ، وألمَّت بِهِ صروفُ الدَّهرِ، وقد أجاد في باب التاريخ الشعريّ، ويشهد له بذلك شعرُهِ التاريخيّ، فهو علامةٌ بارزَةٌ في هذا اللونِ مِنَ الشِّعرِ، وما مِن مَسجِدٍ أو حُسينيَّةٍ، أو وليدٍ أو فقيدٍ إلّا وكانَت له بصمةٌ في هذا الحَدَثِ أو ذاكَ، والتاريخُ الشِّعريّ عنده ينسابُ انسيابَ الماءِ الرقراق في الغديرِ العَذِبِ.

كان في تاريخِ السيّد النجّارِ الشِّعرِيّ أثرٌ كبير للقرآنِ الكريمِ، والحديثِ الشريفِ، لأنَّهَ (رحمهُ اللـهُ)، نَهِلَ معارفَه مِن حوزةِ النَّجفِ الدينيَّةِ، فَنَلحظ هذا الأثرَ في تواريخِهِ الشّعريَّةَ واضِحًاً، مِن ذلكَ قولُهُ مُؤرّخاً بناء حُسينيَّةٍ في ناحيةِ الإسكندريّةِ سنةَ 1385هـ:

هذه روضَـــــةٌ ومَعهَدُ قُدسٍ        فهي بِاسمِ الحُسينِ تُشرقُ نورا

وبِأقصى الرجاءِ نادَيتُ أرخ      (فَلَقَد باتَ سعــــــــــيُكُم مَشكورا)

وضَمَّنَ قولَه تعالى ((وَكانَ ذلِكَ عِندَ اللهِ فَوْزاً عَظيماً)) الفتح:5، حينَ أرَّخَ بناءَ حُسينيّة في ناحية العباسيَّة سنة 1383 هـ :

هذي الحُسينيَّةُ قد أُنشِئَت              فيها لأهلِ البيتِ ذكرٌ كريم

يبقى لَهُ الذّكرُ ومِن بعدها             أرخ (فعند اللـه فوزٌ عظيم)

وفيه إشارةٍ إلى قوله تعالى ((وإذْ يَرْفَعُ إبْراهيمُ القَواعدَ مِنَ البَيتِ)) سورة البقرة: 127،

وقالَ شاعرُنا النجّارُ مُؤرِّخاً بناءَ مسجدٍ في البكرلي سنة 1423 هـ:

دورُ العبادةِ في الفيحاءِ عامرَةٌ      مُقدَّسٌ في نفوسِ النّاسِ موقعُها

             وللمساجِدِ تاريخٌ (ومَنبَعُهــــــــا     قواعدُ البَيتِ إبراهيمُ يرفعُها)

وفيه إشارَةٍ إلى الآيةِ الكريمةِ ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ)) سورة البقرة: 185.

أمّا الحديثُ الشريفُ فَلَه أثَرٌ واضحٌ في تواريخ شاعرِنا النجّارِ الشِّعريَّةِ، مِن ذلك تضمينه قولَ الرَّسولِ الأعظَم ِ(صلى الله عليه واله):((حُسينٌ منّي وأنا مِن حُسينٍ)) حيثُ قالَ مُؤرِّخاً بناء حُسينيَّة في قضاءِ الهنديَّة سنة 1416هـ:

             هذي الحُسينيَّةُ قَــــــــــــــد شادَها            فـــــــــــــــي نيَّـــةٍ خالصـــةٍ

     كاللُجين أرخت (بالمأثور عن جدّه            منّي حُسينٌ وأنا مِن حُسينْ)

وللشعرِ العربيّ كذلك أثرٌ واضحٌ في تواريخِ النجّارِ الشعريَّةِ، أمّا بالإشارةِ إليهِ أو تضمينه، فقد ساحَ في بحورِ الشِّعرِ العربيّ ونَهِلَ منها كُلَّ عَذبٍ ونقيّ، مِن ذلك تضمينه للبيتِ المَشهورِ الناسُ موتى وأهلُ العِلمِ أحياءٌ، وذلك قولُهُ مُؤرِّخاً بناء مسجد المُحقِّق الحلّيّ سنة 1375هـ:

هذا المُحقِّقُ والأجيالُ تعرفُـــهُ       بَدَت شرائعُهُ للدّين سمحـــــاءُ

               وإنّ تاريخه (يبقى وينشدنــــا       الناسُ موتى وأهلُ العِلمِ أحياءُ)

وضَمَّنَ البيتَ المَشهورَ: عليُّ الدرُّ والذَهَبُ المُصفّى، في معرضِ تاريخِهِ لتجديدِ مقام الإمام علي (عليه السلام) سنة 1414هـ:

              مقامٌ فيــه للرحمنِ ذكرٌ              وذكرُ اللـهِ نورٌ ليـسَ يطفى                           فَقُل ولكُلِّ تاريخٍ (دليــلٌ             عليّ الدرُّ والذَهَبُ المُصفّى)

وفي تضمينٍ بارعٍ للقولِ المَشهورِ ((أبَد واللـه ما ننسى حُسينا))، أرَّخَ بناءَ حُسينيَّة المُرتضى سنة1425هـ، فقال:

          لِأهلِ البيتِ في الأعناقِ دَينٌ                 وواجبةٌ مودَّتُهُم علينــــــا

           وفي تاريخنا (أسد صرخنا                 أبَد والله ما ننسى حُسينا)

 

ومع تقدّمِه بالعُمُرِ، كانَ السيّد النجّارُ (رحمهُ اللـهُ)، يؤرّخ لوفاتِه في أعوامِه الأخيرةِ، شاعِراً بدنوّ أجلِهِ المحتومِ، مِن ذلك قولُهُ سنة 2013م:

لقد نظمتُ تواريخاً مُنسّقةً              وما تظاهرتُ يوماً في تواريخي

            بأحرِّ الدمعِ قد يبكي أخو رحِمٍ          أرّختُهُ (ماتَ نجّارُ التواريخِ)

وقولُهُ سنة 2017م، وهو عام وفاته رحمه الله:

لَقَد نَظَمتُ تواريخاً مُنوَّعةً             وما توانيتُ يوماً عن تواريخي

(و) تلكَ آخرُ أيّامي مؤرَّخةٌ           (وها هُنا مات نجّار التواريخِ)

 لبّى السيّد محمّد علي النجّار نداءَ ربِّه فجر يوم الثلاثاء السابع عشر مِن شهر جُمادى الأولى سنة 1438هـ، الموافق الرابع عشر من شباط سنة 2017م، بعد خمسةٍ وتسعينَ عامًا حافلةً بالإبداعِ والنجاحِ وحُبِّ اللـهِ وعبادهِ، ليتركَ (رَحِمَهُ اللـهُ) خلفه تراثاً شِعريًا خالدًا قلَّ نظيرُه.

 


اعلام مركز تراث الحلة


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :