مركز تراث الحلة
الحمزة (رضوان الله عليه)
التاريخ : 1 / 3 / 2021        عدد المشاهدات : 12484

   هو الحمزة بن القاسم بن عليّ بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس بن الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، من ألقابه أبو يعلى، وأبو عمرو، وأبو محمد، وكني بسبع زبيد لكرامة قد حصلت له في أراضي زبيد في بعض الحوادث، وأبو حسامين - حسام العلم وحسام النسب العلوي الشريف- ، وعاقر النوق، وأبو شوشة وغيرها.

 ولد الحمزة بن القاسم (رضوان الله عليه) في الأول من محرَّم الحرام سنة (203هـ)، وتوفي في قرية (المزيدية)، من قرى الحلة، أواخر ذي الحجة سنة (295هـ)، ونقل إلى هذا المكان حيث وُرِي جُثْمَانه الطَّاهر الثَّرى.

  نشأ في المدينة المنوَّرة، ونهل من معارف بيت النبوَّة، وجذبه علم رواية الحديث، وعاصر الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السَّلام)، وسمع منهما.

 وهو عالم ورع جليل القدر ومن رواة الحديث، إختلف إليه العلماء للأخذ منه، منهم الحسين بن ابراهيم بن هاشم المؤدب، ومحمد بن أحمد السناني، وفي (الفهرست) للشيخ الطوسي قال: ومنهم الحسين بن علي القمي الخزاز.

   وقال السيّد حسن الصدر في (تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام): أبو يعلى الثقة الجليل، قبره جنوب الحلّة بين دجلة والفرات، له مَزارٌ معروف.

   ترجمه جملة من أصحاب الجرح والتعديل من المتقدمين والمتأخرين فأثنوا عليه ثناء عطراً منهم النجاشي في رجاله قال: حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أبو يعلى ثقة، جليل القدر، من أصحابنا، كثير الحديث، له كتاب من روى عن جعفر بن محمد (عليه السلام) من الرجال وهو كتاب حسن، وكتاب (التوحيد)، وكتاب (الزيارات والمناسك)، وكتاب (الرد على محمد بن جعفر الأسدي)، وفي نقد الرجال للتفرشي: حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أبو يعلى، ثقة، جليل القدر، من أصحابنا، كثير الحديث، له كتب، روى عنه : علي بن محمد القلانسي، وكذا ذكره العلامة في (الخلاصة)، والسيد الخوئي في كتابه (معجم رجال الحديث) .

أمَّا بخصوص دفنه في هذا المكان، فقد ورد في كتاب (الدرة البهية في تأريخ المدحتية) رأيان:

الرأي الأول: إنَّ الحمزة رجل دين، خرج من المدينة لزيارة قبور أجداده في العراق، فاتَّجه إلى النَّجف وكربلاء التي فيها مرقد جدِّه السَّادس العبَّاس بن علي (عليهما السلام)، ومرقد جدِّه علي بن الحمزة، وبعد إكماله مراسيم الزِّيارة، رجع إلى المدينة المنوَّرة، وأثناء عودته أراد زيارة مرقد جدِّه الحسن بن عبيد الله بن العبَّاس (عليه السلام)، القريب من قرية المزيدية، فمرض وتوفي في أواخر جمادى الأولى من سنة (295هـ)، وبوصية منه طلب فيها من أهالي المزيدية إبعاده إلى مكان آخر في حال موته، وفعلاً نَفَّذ الأهالي وصيته، ودفنوه في مكانه الحالي الذي كان في وقتها أرض قاحلة تسمَّى (أطراف الجزيرة)، إذ ترك الأهالي إشارة تدلُّ على وجود قبر لرجلٍ عَلَوي.

الرأي الثاني: إنَّه من رواة الحديث، فهو صاحب مدرسة فقهية في زمن كان العباسيون يبحثون عن بقايا العلويين لإبادتهم، فأخفى نفسه في تلك المنطقة النَّائية، ووافته المنيَّة هناك، فقُبِر فيها.

يقع المرقد الشريف في منطقة المدحتيَّة، وهي منطقة الجزيرة كما كانت تُسمى، وسمِّيت بالمدحتيَّة نسبةً لاهتمام الوالي العثماني (مدحت باشا) بتحسين الخدمات الضَّرورية لها، عند تولِّيه ولاية بغداد بين الأعوام (1869-1872م)، وهي منطقة من ضمن مناطق الفرات الأوسط إلى الجنوب الشَّرقي لمدينة الحلَّة، وتبعد عنها بمسافة ثلاثين كيلومتراً.

يشغل المرقد المطهَّر مساحة تقدَّر بعشرة آلاف متر مربع، ضمن ثلاث باحات (صحون)، تختلف في تشكيلات عماراتها وفنونها الهندسيَّة المتنوِّعة، وجماليَّاتها الأخَّاذة.

مرَّ بناء المرقد الشَّريف بأدوار مختلفة من العمارة، وأهمُّها أربع عمارات حظي بها هذا المرقد المطهَّر، وهي:

العمارة الأولى: ذكر المعمِّرون عن أسلافهم أنَّ العمارة التي كانت على المرقد الشَّريف، قبل حوالي قرن من الزَّمان، هي حجرة من الطابوق تُحيط بقبره الشريف، مسقَّفة بجذوع أشجار النَّخيل، بناها (علي بن نجم الهلال)، ويدير شؤون المرقد سدنة (كوَّام) من أهالي المنطقة، وبقيت هذه العمارة قائمة حتى مطلع عام (1921م).

العمارة الثانية: في عام (1339هـ/1921م) تعهَّد الشيخ عدَّاي الجريان، ومعه عدد من التجَّار والوجهاء ببناء قبَّة فوق المرقد الشَّريف، ماتزال شاخصة للعيان، مع القيام بتوسيع الحرم الدَّاخلي والصَّحن، وقد تمَّ ذلك بمساعدة المرحوم جابر الكريمي مدير الناحية في ذلك الوقت، وقد ذكر جودت القزويني في (الحمزة الغربي – حفيد العباس بن علي "عليه السلام") تاريخَ بنائه: "وأرخ البناء الشيخ جاسم الحلي بقوله:

لاتلمني على وقوفي باب            تتمنى الأملاك لثم ثراها

هي باب الحمزة الفضل أرخ:     جابر الكرخ بالقلوب بناها

العمارة الثالثة: في عام (1944م) دعا الشَّيخ نايف الجريان رؤساء العشائر المحيطة بقصبة الحمزة (رضوان الله عليه) للحضور قرب المرقد، وطلب منهم التبرُّع من أجل تعمير البناء الذي حول الحرم، فجُمع المبلغ، وبوشر بالعمل في ترميم المرقد الطَّاهر، وإكمال ما بدأ به الشَّيخ عدَّاي الجريان، وكانت خطة التَّعمير هي التَّوسيع والتَّطوير لما اختطَّه الشيخ عدَّاي سنة 1922م، ومنها بناء المسقَّفات بالقباب الثمانية التي شكَّلت فيما بعد المسجد الرِّجالي الحالي، كما كسيت القبة بالقاشاني الأزرق الكربلائي، ووضعت في أعلاها رمَّانة من الذَّهب، وكل ذلك كان على نفقة أهل الخير والصَّلاح.

وكان المرقد والصَّحن المحيط به يُناران بطريقة الفوانيس المعلَّقة على الجدران في صناديق خاصَّة، فقام الشيخ غضبان الجريان بشراء مولِّدة خاصَّة لإنارة المرقد وما حوله، إلى أن أُوصل التيار الكهربائي للمدينة سنة (1954م)، فرُبطت شبكة إنارة المرقد بالشبكة الواصلة إلى المدحتية من قضاء الهاشمية.

 وفي عام (1962م) جُدِّدَ الباب الرئيس للمرقد، كما استُبدل في عام (1967م) شباك المرقد الشَّريف المصنوع من خشب الصاج، بشباك فضي تبرَّع به أحد المُحسنين من أهالي بغداد، غُلِّفت بعض جوانبه بالألمنيوم، وتعلوه قبَّة قطرها ثمانية أمتار، وارتفاعها أكثر من عشرة أمتار، مغلَّفة بالقاشاني الأزرق، ويحيط بها من قاعدتها حزام كُتبت عليه بعضٌ من آيات القرآن الكريم، ويحتل الحرم المطهَّر الزاوية الغربيَّة من الصحن الشَّريف الذي يبلغ طول ضلعه (60) متراً.

العمارة الرابعة: في عام (1388هـ/1968م) تم تعمير المرقد وتوسيعه، فبُنيت الواجهة الشمالية من الصحن، وعُملت الإيوانات اللازمة لمبيت الزوَّار، واستمر العمل بالتَّعمير والتَّوسعة حتى عام (1397هـ/1977م)، وبشكل موسَّع من بناء الصَّحن وواجهاته وما يحيطه، وكذلك نقش الزَّخارف في الدَّاخل والخارج، كما غُلِّف بناء القبة بالكاشي الكربلائي، وبُنيت منارة عالية، ووسِّع الصَّحن من الجهة الشَّمالية الشَّرقية، وأُبدل فراش الحرم الدَّاخلي بالسجاد الثمين، وأُحيط الصَّحن بمجموعة من الحوانيت التجارية التي تبعد عن جدار المرقد بمسافة (20) متراً من الجهات الثلاث، وبُلِّطت أرضية الصَّحن والمناطق المحيطة به بما يتفق وطبيعة التَّعمير.

للمرقد الشَّريف صحن شمالي، يتكوَّن من خمسة عشر إيواناً، يتوسطها باب شمالية كبيرة، وفيها تقع مكتبة الإمام الحكيم العامة في الجانب الأيمن للداخل إلى الصَّحن الشَّريف، والتي أُغلقت أيام سيطرة البعثيين على مقاليد الحكم، وفتحت أبوابها بعد سقوط نظام الطغيان في نيسان (2003م)، ثم نقلت إلى الصَّحن الخارجي في القسم الجنوبي.

وللمرقد الشَّريف أيضاً صحن شرقي يتكوَّن من عشرين إيواناً تتوسَّطه باب كبيرة، وطرف هذا الإيوان الجنوبي يتصل به أحد أضلاع مضيف المرقد، والمحصور بين الباب الجنوبية (باب القبلة)، وطرف الإيوان الشرقي المذكور آنفاً، وصحن غربي يتكوَّن من عدَّة أواوين، ومنه الباب الغربيَّة للصحن الشريف، وعلى يمين الدَّاخل من هذه الباب إلى الصَّحن الشَّريف يتَّصل بالإيوان المذكور مخزن مستطيل لحفظ الأثاث والفرش المستعملة في المناسبات الدِّينية وخدمات الصَّحن الشَّريف الأخرى، والذي تحوَّل مؤخراً إلى مسجد للنِّساء مع جزء من الطَّرف الجنوبي الذي يتَّصل به مسجد للمصلِّين، يستند على دعامات كونكريتية من الجهة الشَّرقية إلى الجهة الغربية، والقبة فخمة عظيمة، مغلَّفة بالقاشان الأزرق الكربلائي، وترتفع إلى أكثر من عشرين متراً تقريباً، وتستند هذه القبة العالية على غرفة كبيرة، مساحتها الموقوفة 216 دونم و22 أولك و17 متراً مربعاً، وفي منتصفها دكَّة المرقد الشريف، يحيطه شباك فضي مطرَّز بالريازة الإسلامية.

استُبدل شباك المرقد الشَّريف بالذهب، وكذلك باب الغرفة الشمالية من الصاج سنة (1427هـ/2006م)، متصلة بإيوان وباب شرقية، وكان المتبرع من أهالي محافظة بابل، وقد تبرع ببابين من الذهب، هما الشمالية والشرقية المتصلة بإيوان له باب جنوبية تتصل بالمسجد المذكور، ويحتضن هذا الحرم الشَّريف إيوان مسقَّف، مستند على أحد عشر دعامة كونكريتية، يبدأ من جهة الغرب، ويستطيل حتى مدخل الكيشوان القديم الداخلي، قبل نقله خارج الصحن الشَّريف الذي يبدأ من الصحن، ثم ينعطف هذا الإيوان جنوباً حتى يلتقي بالطرف الشرقي جدار المسجد المذكور بمحاذاة باب القبَّة.

   ويعلو دكَّة المرقد الشَّريف برقع أخضر اللون، يجللها الشباك المذكور، له باب صغيرة من الطرف الجنوبي الشرقي للشباك، وهي مقفلة، ويتربع الشباك وسط غرفة سميكة الجدران، مقام عليها ثمانية أقواس موزعة بشكل دائري من الداخل، وهي مزججة، وقد استندت عليها قبة عالية جداً، في اثني عشر شباكاً مستطيلاً، موزعة بشكل دائري لإضاءة المرقد الشريف، ونُقشت بالريازة الإسلامية الجميلة، وتُحيط بالقبة الأولى قبة ثانية من الخارج، بينهما فضاء واسع، وقد زُيِّنت القبة الثانية الخارجية بالقاشاني الأزرق الكربلائي.

  عُرِف مرقد حمزة بن القاسم (عليه السلام) بـ (الحمزة الغربيّ)، تمييزاً عن مرقد السيّد أحمد بن هاشم بن علوي بن الحسين الغريبي البحراني من نسل السيّد إبراهيم المجاب بن محمّد العابد بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، ويُعرَف بـ (الحمزة الشرقي).

 


اعلام مركز تراث الحلة


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :