مركز تراث البصرة
موقف أهل البصرة من ثورة المختار الثقفي (66هـ)
التاريخ : 25 / 6 / 2018        عدد المشاهدات : 4734

  دعا المثنى بن مخربة العبدي إلى بيعة المختار بالبصرة, وقد كان  العبدي ممن شهد عين الوردة مع سليمان بن صرد الخزاعي[1], ثم رجع مع مَن رجع ممّن بقى من التوابين إلى الكوفة, والمختار محبوس, فأقام حتى خرج المختار من السجن, فبايعه المثنى سراً, وقال له المختار:  الحق ببلدك بالبصرة, فارع الناس, وأسر أمرك[2]؛ فقدم البصرة,  فدعا, فأجابه رجال من قومه وغيرهم, فلما أخرج المختار ابنَ مطيع[3] من الكوفة, ومنع عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام منها, خرج المثنى بن مخربة, فاتخذ مسجداً, واجتمع إليه قومه, ودعا إلى المختار, ثم أتى مدينة الرزق[4], فعسكر عندها, وجمعوا الطعام في المدينة, ونحروا الجُزُر, فوجه إليهم القباع[5] عبّاد بن حصين وهو على شرطته, وقيس بن الهيثم  في الشرط والمقاتلة, فأخذوا في سكّة الموالي’ حتى خرجوا إلى السبخة, فوقفوا, ولزم الناس دورهم, فلم يخرج أحد, فجعل عبّاد ينظر هل يرى أحداً يسأله! فلم ير أحداً؛ فقال: أمَا ههنا رجل من بنى تميم؟ فقال خليفة الأعور مولى بنى عدّي, عدي الرباب: هذه دار وراد مولى بني عبد شمس؛ قال: دُقَّ الباب, فدّقه, فخرج إليه وراد, فشتمه عبُاد, وقال: ويحك! أنا واقف هاهنا, لم تخرج إليَّ! قال: لم أدر ما يوافقك, قال: شدّ عليك سلاحك واركب, ففعل, ووقفوا, وأقبل أصحاب المثنى, فواقفوهم, فقال عبّاد لوراد: قف مكانك مع قيس, فوقف قيس بن الهيثم ووراد, ورجع عبّاد, فأخذ في طريق الذباحين, والناس وقوف في السبخة, حتى أتى الكلأ, ولمدينة الرزق أربعة أبواب: باب مما يلي البصرة, وباب إلى الخلالين, وباب إلى المسجد, وباب إلى مهب الشمال؛ فأتى الباب الذي يلي النهر مما يلي أصحاب السقط, وهو باب صغير, فوقف ودعا بسلّم فوضعه مع حائط المدينة, فصعد ثلاثون رجلاً, وقال لهم: الزموا السطح, فإذا سمعتم التكبير فكبروا على السطوح, ورجع عباد إلى قيس بن الهيثم وقال لوراد: حرش القوم؛ فطاردهم وراد, ثم التبس القتال فقتل أربعون رجلا من أصحاب المثنى, وقتل رجل من أصحاب عبّاد, وسمع الذين على السطوح في دار الرزق الضجة والتكبير, فكبروا, فهرب من كان في المدينة, وسمع المثنى وأصحابه التكبير من ورائهم, فانهزموا, وأمر عباد وقيس بن الهيثم الناس بالكف عن اتباعهم وأخذوا مدينة الرزق وما كان فيها, واتى المثنى وأصحابه عبد القيس ورجع عبّاد وقيس ومَن معهم إلى القباع, فوجّههما إلى عبد القيس, فأخذ قيس بن الهيثم من ناحية الجسر, وأتاهم عباد من طريق المربد, فالتقوا, فأقبل زياد بن عمرو العتكيّ إلى القباع وهو في المسجد جالس على المنبر, فدخل زياد المسجد على فرسه؛ فقال: أيها الرجل, لتردَّنَّ خيلك عن إخواننا أو لنقاتلنها.

 فأرسل القباع الأحنف بن قيس وعمر بن عبد الرحمن المخزومي ليصلحا أمر الناس, فأتيا عبد القيس, فقال الأحنف لبكر و الأزد وللعامة: ألستم على بيعة ابن الزبير! قالوا: بلى, ولكنا لا نسلم إخواننا.

 قال: فمروهم, فليخرجوا إلى أيّ بلاد أحبّوا, ولا يفسدوا هذا المصر على أهله, وهم آمنون, فليخرجوا حيث شاؤوا, فمشى مالك بن مسمع وزياد بن عمرو ووجوه أصحابهم الى المثنى, فقالوا له ولأصحابه: إنا والله ما نحن على رأيكم, ولكنا كرهنا أن تضاموا, الحقوا بصاحبكم, فإن مَن أجابكم إلى رأيكم قليل, وأنتم آمنون. فقبل المثنى قولهما, وما أشارا به, وانصرف.
 ورجع الأحنف, وقال: ما غبنت رأيي إلا يومي هذا, إني أتيت هؤلاء القوم وخلّفتُ بكراً والأزد ورائي. ورجع عباّد وقيس إلى القباع, وشَخَصَ المثنّى إلى المختار بالكوفة في نفرٍ يسيرٍ من أصحابهِ.[6]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون عبد العزى بن منقذ ، السلولي الخزاعي ، أبو مطرف : صحابي ، من الزعماء القادة . شهد الجمل وصفين مع علي ، وسكن الكوفة . ثم كان ممن كاتب الحسين. وخرج بعد ذلك مطالبا بدمه ، فترأس ( التوابين ) وكانوا يطلبون قتل عبيد الله بن زياد،(28 ق. هـ - 65هـ). ينظر: الزركلي، الأعلام, ج3, ص127

[2] الكوراني, جواهر التاريخ, ج4, 374.

[3] عبد الله بن مطيع بن الأسود الكعبي قرشي العدوي : من رجال قريش ، جلدا وشجاعة . استعمله ابن الزبير على الكوفة ، فأخرجه المختار ابن أبي عبيد منها ، فعاد إلى مكة ، فلم يزل فيها إلى أن قتل مع ابن الزبير في حصار الحجاج له. ينظر: الزركلي, الأعلام, ج4, ص139.

[4] مدينة الرزق إحدى مسالح العجم بالبصرة قبل أن يختطها المسلمون. الحموي. معجم البلدان, ج3, ص41.

[5]وهو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة, استعمله عبد الله بن الزبير على البصرة. ينظر: ابن سعد, الطبقات الكبرى, ج5, ص29.

[6] ينظر: الطبري, تاريخ الأمم والملوك, 4/536-538؛ البلاذري, أنساب الاشراف, 6/415-417؛ العيسى, المجمل في تاريخ البصرة, ص62-63.


حسين علي ايّوب


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :