مركز تراث البصرة
جامعُ الشّيخ جَعفَر: أحدُ المَوروثات الدينيَّة والمدارس الثقافيّة في البَصرة
التاريخ : 23 / 1 / 2020        عدد المشاهدات : 1891

       للمساجد الأثرُ البالغُ على تحديد هويَّة البلدان؛ فقد كانت ـ وما تزال ـ مشعلاً مضيئاً يقصده الناس ليستلهموا منه العلمَ والنورَ الإلهيَّ، وهي تعدُّ من أبرز مصادر الغذاء الروحيّ.

وقد عُرفت البصرةُ بأصالة موروثها الدينيّ، ومن أبرز الموروثاتِ الدينيّة المساجدُ، التي خرَّجَت العديدَ من العلماء والشخصيّات المؤمنة، التي  أدَّت أدواراً مهمّة على امتداد التاريخ، منها: مقارعةُ الظلم بجميع أنواعه، وهي تعدُّ مدارسَ فكريّةً وثقافيّةً تبثُّ أنوارَها ومعانيَها الساميةَ في أرجاء المدينة.

ومن بين تلك المساجد جامعُ الشّيخ جَعفَر.

الموقعُ، والمؤسِّسُ، وعامُ التأسيس

  يقعُ جامعُ الشيخ جَعفر في قضاء أبي الخصيب ـ باب طويّل، أسّسه المرحومُ الحاجُّ أحمد الموسى الجنديل على نفقته ونفقة عدد من الأخوة المؤمنين عام 1946م .

التسمية

سُمّي الجامعُ باسم الشيخ جعفر؛ كونه الإمامَ والمتولي للجامع في بداية تأسيسه، وهو الشيخ جعفر بن يوسف بن جعفر آل راضي، ولد في أبي الخصيب عام (1917)، ودرس في النجف الأشرف على أيدي كبار العلماء، أمثال: الشيخ النائيني، والسيد محسن الحكيم، والسيد ابي القاسم الخوئي قدست أسرارهم، وقد توفي (رحمه الله تعالى) عام (1980).

 

البِناء

بني الجامع سنة 1946م من الطين (اللبن)، وسُقِّف بأعمدة الصندل، وكان فراشُه وقت بنائه من حصير سعف النخيل، وبقي هذا البناء الى الثمانينيّات، ثمّ تمّ هدمه وإعادة بنائه على نفقة إحدى النساء المؤمنات، وأصبح من الطابوق والكونكريت المسلَّح، وبقي هذا البناء شامخاً إلى يومنا هذا، إلّا أنّه أُضيفَ إليه بعض التعديلات بعد سقوط النظام المقبور، كإضافة طارمة، وبناء بعض القاعات.

شُيِّد الجامع مع جميع ملحقاته على مساحة 1000 متر2 ، وهو يتضمَّن بيتا للإمام، ومغتسلاً، وديواناً للضيوف، ومكتبةً، ومغاسلَ، بالإضافة الى صحنِ الجامع، أمّا مساحةُ الحرم منفرداً، فهي 100متر مربع.

التولية

تسلَّم توليةَ الجامع في بداية تأسيسه الشيخ جعفر بطلب من المؤسّس الحاج أحمد، وقد أوصى كذلك بالتولية من بعد وفاة الشيخ جعفر إلى أولاده الراشدين الصالحين، وفعلاً قام بتوليه كلٌّ من أبنائه: الحاج طارق أحمد، وجاء بعده أخوه فؤاد أحمد، ثم عبد النبي أحمد، والآن الحاج مالك أحمد.

وكان للشيخ جعفرٍ دورٌ مهمٌّ في ديمومة صلاة الجماعة في الجامع منذ بداية التأسيس الى حين وفاته؛ فقد قضى أكثر من نصف عمره في خدمة الناس وتوجيههم، وفي ثمانينيات القرن الماضي توفي الشيخ جعفر ، وللظروف الصعبة التي مرَّت بها محافظة البصرة جرّاء الحرب العراقيّة الإيرانيّة، تُرك الجامع ، وفي عام  (1991م) تمّ إعادة فتحه من جديد، وكانت تقام فيه الصلاة  بشكل انفراديٍّ إلى أن جاء السيدُ عبدُ الرضا أبو المكارم في عام ( 1996م)، وأعادَ إقامةَ صلاة الجماعة من جديد، وهي مستمرة من ذلك الوقت إلى يومنا هذا.

كان أوَّلُ من أذَّن في الجامع هو الحاج علي مراد (رحمه الله)، الذي كان يَصعدُ على البيتونة، مستظلاً بسعف النخيلِ، الذي هو بجنب الجامع، ويعلو على ارتفاع الجامع، ويؤذّن بصوته المجرّد، حيث لم تظهر مكبرات الصوت بعد، ثمَّ خلفه الملّا جاسم الهذَّال (رحمه الله)،  والملّا غفَّار، ومحمد طاهر.

وأوَّل من قرأ فيه كخطيب وراثٍ حسينيٍّ هو الشيخ حسين، وهو أخو الشيخ جعفر، وجاء بعده الملّا عبد الله، والشيخ حسين الطريحي، والشيخ حسين زين الدين، وهؤلاء كلُّهم انتقلوا الى رحمة الله تعالى، وأمّا في السنوات الأخيرة، فقد قرأ الشيخ عبد الكريم التميميُّ، والسيد حسين، والشيخ جواد، والشيخ حنتوش.

ما تعرّض له الجامعُ من المضايقات

كان للجامع نصيبٌ من المضايقات التي كانت تتعرّض لها بيوت الله من قبل النظام الدكتاتوريّ السابق؛ فقد سُجن العديد من الشباب بمجرد ارتيادهم الجامع، ومُنع أصحابُ الجامع من إقامة العزاء في أيام شهر محرم، فكانوا يدفعون مبالغَ ليست بالقليلة من أجل الحصول على إجازة لإقامة العزاء.

وكان للردات الحسينيّة دورٌ كبيرٌ  في تهيأة الشباب وتوجيههم العقائديّ؛ فقد فُعِّلت الردّةُ الحسينيّة في الجامع من منتصف التسعينات تقريباً، ومن الرواديد الذين علت أصواتُهم في خدمة سيد الشهداء في هذا الجامع: السيد عدنان، وكاظم الصنكور، وملّا قاسم، وملّا فائز، وملّا بسَّام.

خَدَمَة الجامع وحضّاره

الخدمة في هكذا أماكن عبادية شرف عظيم، وقد خدم في هذا الجامع سابقاً الشيخ جعفر، والمؤذِّن على مراد، بالإضافة الى الأشخاص المقرَّبين من الشيخ، وفي الوقت الحاضر أخذ هذا الدور الأستاذ جواد، وهو أستاذ جامعيٌّ ومجاهدٌ في الحشد الشعبيّ، وعباس ياسين جنديل، والشهيد أحمد السهيل، الذي استشهد حديثاً ملبّياً فتوى المرجعيّة.

وتعدّ الشخصيّات الكبيرة قدراً وعمراً مِمَّن لهم التأثير الواضح عند حضورهم الجامع، وهي تُعَد قدوة لجيل الشباب، أمثال: الحاجّ حبيب جمعة، والحاج محمد طاهر، والحاج مالك أحمد، والحاج فهد الزُّوَّار، الذي هو من المعاصرين للشيخ جعفر، وما زال مستمراً بالحضور رغم كِبر سنّه.

أنشطةُ الجامع الأخرى

يعدُّ الجامعُ من الأماكن العباديّة الفاعلة في أبي الخصيب؛ حيث تقام فيه عدّة أنشطة على طول السنة؛ ففي السابق، كان الشيخُ جعفرٌ يلقي الدروس الدينيّة لعامّة الناس، بالإضافة إلى صلاة الجماعة، وإقامة مجالس العزاء والفرح لأهل البيت (عليهم السلام)، وقد تبنّى الآن عددٌ من الأساتذة عدَّة دورات لتعليم الأطفال في أيّام العطلة الصيفيّة، فهناك دورة عقائديّة للأستاذ عبّاس ياسين، ودورةٌ فقهيّة للأستاذ جواد، ودورة قرآنية للأستاذ أحمد، وهذا من أجل خَلق جيل واع ينهضُ بكلّ ما فيه صلاحٌ للأمة.

تبقى المساجدُ العينَ التي يُرى من خلالها النور، لتكون مناراتِ هدىً للذين اتَّقَوا وأرادوا بذلك وجهَ الله، وهي من العوامل المهمّة التي تُساعد العبدَ على السُمُو والارتقاء الروحيّ.


وحدة الإعلام


اتصل بنا
يمكنكم الاتصال بنا عن طريق الاتصال على هواتف القسم
+964     7602326873
+964     7721457394
أو عن طريق ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني
media@mk.iq
info@mk.iq

تطبيق المعارف الاسلامية والانسانية :
يمكنكم ارسال رساله عن طريق ملء النموذج التالي :
اتصل بنا

او مواقع التواصل الاجتماعي التالية :