عُرِفت مدينة كربلاء المقدّسة باحتضانها لعدد من العلماء الأعلام الذين كان لهم بالغ الأثر في الحياة الدينيّة بصورة عامّة، وأثروا في مسيرة الحوزة العلميّة، وأصبحوا من رموزها، فأضفى هذا الأمر أهميّة لأهميّة هذه المدينة التي تطهَّرت وتميّزت وتألّقت بوجود مرقدَي الإمام الحسين والمولى أبي الفضل العبّاس .

وأحدُ هؤلاء الأعلام السيّد نجم الدين حمزة بن أبي الأغر الحسينيّ الحائريّ، وهو من أكابر علماء الفقه والأصول في كربلاء، درس فيها وبنى مسيرته العلميّة، ويُذكر أنّه كان نقيب أشراف مدينة كربلاء المقدّسة (نقيب العلويّين)، له مساهمات واسعة في الحركة العلميّة والنهضة الفكريّة في أواخر القرن الخامس الهجريّ، ومن دلائل فضله وحكمته ورود اسمه في سلسلة رواة الحديث عن أهل البيت ، كما ذكر ذلك جمع من العلماء أمثال السيّد فضل الله الراونديّ والشيخ جمال الدين أبو نصر علي القمّيّ وغيرهم.

 لم تحدد المصادر تأريخ ولادته، وأرّخت سنة وفاته التي كانت في عام (510هـ)، ودُفِن في الحائر الحسينيّ الشريف. روى عن أحمد بن قدامة (ت 486هـ) تلميذ الشيخ المفيد، وقاضي الأنبار، كتاب (الإرشاد إلى معرفة حجج الله على العباد) للشيخ المفيد (ت413هـ)، وكتاب (غُرر الفوائد ودُرر القلائد) الذي يطلق عليه (الدرر والغرر) للشريف المرتضى (ت 436هـ)، ورواية كتاب نهج البلاغة عنه أيضًا.

 تتلمذ ابن أبي الأغر على فحول العلماء أمثال القاضي أحمد بن علي بن قدامة، والعلَمَين الشريفين الرضي والمرتضى، ومن تلامذته العالم الكبير فضل الله بن علي بن عبيد الله الراونديّ.

  وقد لـُخِّص أثره العلميّ في كربلاء بقول أحد العلماء: " كان نقيب الحائر الشريف، ومن شيوخ الاجتهاد؛ ساهم في الحركة العلميّة والنهضة الفكريّة والتدريس في كربلاء في أواخر القرن الخامس ومطلع القرن السادس، وثُنيت له الوسادة، وقام بوظائف الشرع الشريف، ونشر الأحكام، وهو من مشايخ الإجازات، وورد اسمه في طرق الروايات".. فسلامٌ عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيّا.

من الجديرُ بالذكر أنَّ مدينة كربلاء المقدّسة هي مأوًى للأدباء والخطباء والخطّاطين كذلك، إذ إنّها كانت وما تزال عاصمة القداسة، وقِبلة الأحرار، ومحطّ أنظار العالم أجمع.